
في تطور جديد ينذر بتصعيد خطير في الملف النووي الإيراني، تبنى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الخميس، قرارا يدين إيران لعدم امتثالها للضمانات المنصوص عليها في اتفاقها مع الوكالة، في حين ردت طهران بإجراءات نووية متقدمة شملت تشغيل مركز تخصيب جديد وتطوير تقنيات أجهزة الطرد المركزي، وسط تحذيرات من احتمال اندلاع مواجهة أوسع تشمل ضربات إسرائيلية محتملة لمنشآتها النووية.
انقسام داخل مجلس المحافظين
جاء القرار بعد ضغوط غربية قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ولاقى تأييد 19 دولة، من بينها المغرب، ألمانيا، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية، وهولندا. وفي المقابل، عارضته 3 دول فقط (روسيا، الصين، بوركينا فاسو)، بينما امتنعت 11 دولة عن التصويت، منها الجزائر، مصر، الهند، والبرازيل، في دلالة على الانقسام داخل المجلس بشأن كيفية التعاطي مع طهران.
إيران ترد بتصعيد تقني
وفي رد مباشر، وصفت وزارة الخارجية الإيرانية وهيئة الطاقة الذرية القرار بأنه “مسيس وموجه”، وأعلنتا عن تشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم واستبدال أجهزة الطرد المركزي القديمة من الجيل الأول بأخرى من الجيل السادس الأكثر تطورا في منشأة فوردو، أحد المواقع الأكثر حساسية في البرنامج النووي الإيراني.
كما أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية نيتها إنشاء منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم دون الإفصاح عن موقعها، ما زاد من قلق المجتمع الدولي حول طبيعة أنشطتها النووية.
الوكالة الذرية: تراكم خطير لليورانيوم عالي التخصيب
المدير العام للوكالة رافائيل غروسي، أكد أن الوكالة غير قادرة على التأكد من سلمية البرنامج النووي الإيراني، في ظل غياب الشفافية ووجود أنشطة غير معلن عنها في ثلاثة مواقع على الأقل. وأشار إلى أن كمية اليورانيوم المخصب بنسبة 60% في إيران بلغت نحو 400 كيلوغرام، وهو ما يكفي نظريا لإنتاج نحو عشر قنابل نووية.
تصعيد إيراني وتحذيرات من رد موجع
الباحث الإيراني مهدي عزيزي اعتبر أن رد إيران يأتي في سياق التحذيرات السابقة التي أطلقتها خلال اجتماعات مجلس المحافظين، مشيرا إلى إمكانية بناء مجمع ثالث لتخصيب اليورانيوم، ومؤكدا أن هناك “مفاجآت نووية” قادمة.
أما عماد آبشناس، رئيس نقابة مراكز الأبحاث الإيرانية، فصرح أن طهران قد تقلص تعاونها مع الوكالة الدولية، لا سيما في ما يتعلق بعمليات التفتيش، مؤكدا أن “الخيارات مفتوحة” للرد على ما وصفه بـ”الاستفزاز الغربي”.
واشنطن وإسرائيل تراقبان عن كثب
التوتر يتزايد أيضا على المستوى العسكري. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعاد التأكيد على أن واشنطن “لن تسمح لإيران بتطوير سلاح نووي”، مشككا في جدوى أي اتفاق مع طهران.
في المقابل، حذر خبراء أمنيون من أن إسرائيل قد تلجأ إلى خيار عسكري لمنع إيران من بلوغ مرحلة التمكن النووي الكامل، خصوصا بعد الكشف عن منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم وزيادة مخزون المواد عالية التخصيب. وتأتي هذه التحذيرات وسط تقارير إعلامية إسرائيلية تشير إلى أن تل أبيب”لن تتردد في توجيه ضربة استباقية” لمنشآت إيران النووية إذا شعرت بأن البرنامج بلغ مرحلة اللاعودة.
إيران ترد على التهديدات
الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان أكد أن بلاده لن ترضخ للضغوط الغربية، نافيا السعي لتصنيع سلاح نووي، لكنه شدد على أن”إيران لن تسمح لأي جهة بحرمانها من حقها في البحث العلمي والتقني”، كما أكد وزير الدفاع الإيراني أن “القوات المسلحة الإيرانية في أعلى درجات الجاهزية” للرد على أي تهديد عسكري.
المنطقة على صفيح ساخن
في ظل انسداد الأفق الدبلوماسي بين إيران والولايات المتحدة، والتصعيد داخل أروقة الوكالة الذرية، واحتمال توجيه ضربة إسرائيلية وقائية للمفاعلات النووية الإيرانية، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة خطرة قد تنذر بانفجار إقليمي واسع إذا لم تُبذل جهود عاجلة للتهدئة.