اصدار جديد للكاتب الجزائري أنور مالك يفضح تحالف الإرهاب: إيران والبوليساريو في قلب مؤامرة تهدد أمن شمال وغرب إفريقيا

في خطوة جريئة تعزز مسار الصحافة الاستقصائية، أزاح الكاتب والإعلامي الجزائري المعروف أنور مالك الستار نهاية الأسبوع الماضي بالرباط، عن أحدث مؤلفاته تحت عنوان: “البوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”، وهو عمل مثير يرسم معالم مشهد معقد من التواطؤ الإقليمي بين النظام الإيراني والميليشيا الانفصالية “البوليساريو”، بدعم مباشر ومفضوح من النظام الجزائري.
كتاب يفضح المستور
الكتاب الذي حظي باهتمام واسع قبل صدوره الرسمي، يوثق بدقة مذهلة الصلات الخطيرة والمتشابكة بين طهران و”البوليساريو”، مستندا إلى وثائق استخباراتية سرية تم تسريبها من سوريا، تتحدث بوضوح عن تجنيد مئات من عناصر الجبهة في صفوف ميليشيات إيرانية، وعلى رأسها حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
انور مالك، المعروف بصرامته المهنية وشجاعته الفكرية، يقدم في هذا العمل خلاصة سنوات طويلة من التحقيقات الصحفية في ملفات معقدة، كان أغلبها محاطا بهالة من التكتم والتعتيم، خاصة ما يتعلق بصلات البوليساريو بالجماعات الإرهابية المسلحة والمهربين في منطقة الساحل والصحراء.
تورط الجزائر: دعم مزدوج وإرث ثقيل
ما يميز هذا العمل، أن كاتبه لم يتردد في إدانة تواطؤ النظام الجزائري، الذي لا يكتفي باحتضان البوليساريو على أراضيه، بل يفتح الباب أمام توغل النظام الإيراني في عمق شمال افريقيا، محولا منطقة تندوف إلى مستنقع لتفريخ التطرف المسلح والتجنيد العقائدي.
وقد أوضح أنور مالك، خلال ندوة نظمها حزب “جبهة القوى الديمقراطية” في العاصمة المغربية، أن هذا التواطؤ يشكل خطرا داهما على أمن واستقرار شمال وغرب إفريقيا، إذ أصبحت “البوليساريو” بمثابة الذراع المسلحة لإيران في المنطقة، وأداة تخدم أجندات الحرس الثوري، تماما كما تفعل ميليشيات الحوثي في اليمن أو حزب الله في لبنان.
تندوف: محطة تجنيد وتدريب
من خلال تحقيقات دقيقة، يكشف مالك عن زيارات مطولة لقيادات من حزب الله وفيلق القدس إلى مخيمات تندوف، حيث يجري استقطاب المقاتلين وتأطيرهم أيديولوجيا، وتدريبهم على حرب العصابات، وتقنيات الاغتيال، واستخدام المتفجرات، في تكرار خطير لنموذج الميليشيات الشيعية التي زرعتها إيران في بؤر التوتر بالعراق وسوريا واليمن.
كما يبرز الكتاب كيف تم نقل مقاتلي “البوليساريو” إلى معاقل حزب الله في جنوب لبنان، ضمن برنامج تدريبي إيراني يمتد ليشمل عناصر من دول إفريقية متعددة، ما يؤكد الطابع العابر للحدود لهذا المشروع التخريبي.
تجارة السلاح.. والتمويل الإرهابي
أحد أخطر ما جاء في كتاب أنور مالك هو توثيقه لتورط “البوليساريو” في تجارة السلاح في الساحل والصحراء، وهي تجارة مربحة تمولها إيران وتغض عنها الجزائر الطرف، ليتم بعدها تسريب كميات ضخمة من الأسلحة والذخائر إلى الجماعات الإرهابية مقابل ملايين الدولارات، مما يجعل من الجبهة الانفصالية لاعبا رئيسيا في تقويض الأمن الإقليمي والدولي.
إشادة بجرأة الكاتب ومسؤوليته التاريخية
يُعد أنور مالك من أبرز الأصوات الحرة في المشهد الإعلامي والسياسي الجزائري، وقد شكلت أعماله السابقة، سواء في سوريا أو بخصوص ملف حقوق الإنسان في الجزائر، مرجعية في مجال الصحافة الاستقصائية المستقلة. لكن هذا العمل الجديد، حسب متابعين، يتجاوز حدود الكتابة الصحفية التقليدية، ليقترب من الوثيقة الاستخباراتية والسياسية، التي من شأنها أن تحرك مياها راكدة في المحافل الدولية.
وما يجعل هذا الكتاب لافتا، ليس فقط دقة المعلومات، بل أيضا جرأة الكاتب في كشف تورط نظام بلده الأصلي في دعم شبكة إيرانية إرهابية تتخفى خلف الشعارات الثورية وتستبيح أمن المنطقة بأكملها.
نحو تعبئة إقليمية ودولية
من المرتقب أن يصدر كتاب “البوليساريو وإيران” قريبا بأربع لغات (العربية، الفرنسية، الإنجليزية، والإسبانية)، وهو ما يكشف النية الواضحة لمؤلفه في مخاطبة الرأي العام الدولي وتحذيره من الخطر الإيراني الزاحف على حدود أوروبا عبر البوابة الإفريقية.
في ظل صمت رسمي مريب من جانب النظام الجزائري، يشكل هذا العمل ناقوس خطر مدو يستدعي تحركا اقليميا وقاريا ودوليا عاجلا، لمواجهة هذا التهديد المزدوج الذي تقوده طهران وتنفذه البوليساريو، تحت رعاية جزائرية.
وختاما، فإن أنور مالك، بهذا الكتاب، لا يقدم فقط شهادة تاريخية مدعومة بالأدلة، بل يؤدي واجبا وطنيا وإنسانيا في وقت يندر فيه الصدق والشجاعة، كاشفا للعالم حقيقة مشروع تخريبي يتسلل إلى جسد إفريقيا من بوابة تندوف.