سياسة
أخر الأخبار

اصطفاف جزائري مع الهند ضد باكستان وسط مؤشرات على اعتراف وشيك من إسلام آباد بمغربية الصحراء

في خطوة قد تحمل أبعادا استراتيجية عميقة على مستوى العلاقات بين دول جنوب آسيا وشمال إفريقيا، استقبلت الجزائر وفدا هنديا رفيع المستوى ضم شخصيات من مختلف التوجهات السياسية، في زيارة حملت رسائل سياسية قوية ضد باكستان، وعلى أراضي دولة طالما التزمت خطابا دبلوماسيا حذرا ومتوازنا تجاه الملفات الإسلامية والدولية باستثناء طبعا ملف الصحراء المغربية.

النائب البرلماني الهندي ورئيس حزب مجلس اتحاد المسلمين في عموم الهند (AIMIM)، أسد الدين العويسي، لم يُخفِ انتقاده الحاد لباكستان خلال زيارته إلى الجزائر، وذهب إلى حد وصفها بـ”مركز التكفير”، مشبها أيديولوجية الجماعات الإرهابية فيها بتلك التي يتبناها تنظيما داعش والقاعدة.

هجوم علني على باكستان من داخل الجزائر

في تصريحاته الموجهة لوسائل الإعلام الجزائرية ومراكز التفكير والجالية الهندية بمقر السفارة الهندية، قال العويسي:

باكستان هي مركز التكفير، ولا يوجد فرق في الأيديولوجيا بين الجماعات الإرهابية هناك وبين داعش والقاعدة. هم يعتقدون أن لديهم تفويضا دينيا، وهذا خطأ تمامًا. الإسلام لا يسمح بقتل أي إنسان، ومع الأسف، هذه هي أيديولوجيتهم.”

كما جدد دعوته إلى إعادة إدراج باكستان على “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF)، معتبرا أن ذلك من شأنه الحد من تمويل الإرهاب الذي يضرب المنطقة، خصوصا الهند.

وأضاف:

عندما نُعيد باكستان إلى القائمة الرمادية، سنلاحظ تراجعا في العمليات الإرهابية داخل الهند. لدينا تجربة 2018 عندما ساعدت الجزائر ودول أخرى في الضغط على باكستان.”

وأشار إلى أن الإرهاب “يعيش على عنصرين: الأيديولوجيا والمال”، داعيا إلى تحرك دولي مشترك لكسر هذا الدعم المزدوج، مستشهدا بحالة الإرهابي زكي الرحمن لكهفي الذي لم تبدأ محاكمته إلا بعد إدراج باكستان في القائمة الرمادية.

باكستان تحت مرمى الانتقادات… والجزائر تتماهى مع الخطاب الهندي

تصريحات العويسي لم تكن الوحيدة، إذ أطلق النائب البارز عن حزب بهاراتيا جاناتا (BJP)، بايجايانت باندا، هو الآخر اتهامات مباشرة لباكستان باستخدام برنامجها النووي كغطاء لحماية الجماعات الإرهابية.

باكستان استغلت سلاحها النووي لحماية برامجها الخاصة بتدريب وتسليح وتمويل الإرهاب، وهذا ليس سرًا؛ العالم كله يعرف ذلك.”

الوفد الذي يضم أيضا شخصيات بارزة مثل نيشيكانت دوبي، فانغنون كونيك، ريخا شارما، غلام نبي آزاد، ووزير الخارجية السابق هارش فاردان شرينغلا، جاء بهدف تعزيز الحملة الهندية ضد باكستان دوليا، وحشد الدعم الدولي لعزلها دبلوماسيا واقتصاديا.

انزعاج جزائري خفي من إسلام آباد؟

ان استضافة الجزائر وفد هندي يهاجم دولة مسلمة نووية على أراضيها، يعكس تغيرا ملموسا في المزاج الدبلوماسي الجزائري، ويطرح تساؤلات عما إذا كانت هذه الرسائل تمر بتنسيق مسبق أو أنها تعكس اصطفافا دقيقا محسوبا ضد إسلام آباد.

وفي هذا السياق، لا يمكن فصل هذه التطورات عن مسار التوتر الصامت بين الجزائر وباكستان في الشهور الأخيرة، خاصة في ظل التقارب المتزايد بين إسلام آباد والرباط، حيث عملت باكستان على تعزيز شراكات استراتيجية واقتصادية مع المغرب، وأظهرت بوادر انفتاح على تبني موقف مؤيد لمغربية الصحراء – وهو ما يُعد خطا أحمر بالنسبة للجزائر، التي تُعتبر من أبرز داعمي جبهة البوليساريو.

أزمة جديدة في الأفق؟

إذا ما تم تأكيد هذا التحول في موقف باكستان تجاه قضية الصحراء المغربية، فإن العلاقات الجزائرية-الباكستانية قد تدخل مرحلة من الفتور وربما التوتر الصريح، خاصة إذا استمر تقاطع المواقف بين الجزائر والهند في ملفات تُعد شديدة الحساسية بالنسبة للعالم الإسلامي.

فهل نحن أمام اصطفاف جديد للجزائر إلى جانب الهند؟ أم أن ما جرى هو مجرد مناورة دبلوماسية ظرفية تعكس انزعاجا جزائريا عابرا من خيارات باكستان الأخيرة؟

في خضم إعادة تشكيل التحالفات الدولية على وقع الحروب والصراعات الجيوسياسية، يبدو أن الجزائر باتت تُراجع تموضعاتها التقليدية، حتى وإن كلفها ذلك توتير العلاقات مع دول مسلمة كبرى. ويبدو ان ما جرى في الجزائر مع الوفد الهندي ليس مجرد حدث عابر، بل رسالة سياسية مزدوجة: دعم صريح للهند في صراعها مع  باكستان وارسال اشارات الى إسلام أباد بخصوص مراجعة موقفها المرتقب من قضية الصحراء المغربية.

مقالات ذات صلة