شأن عسكري

الأسلحة الصينية تثبت أنها أقوى من المتوقع في الاختبارات القتالية

في الساعة الرابعة صباحًا من يوم 7 مايو، تحركت وزارة الخارجية الباكستانية بسرعة، حيث استدعت كبار مسؤولي السفارة الصينية لاجتماع عاجل. أبلغ وزير الخارجية الباكستاني، إسحاق دار، الحضور بأن مقاتلات “جي-10 سي” (J-10C) الصينية الصنع، والتي تستخدمها القوات الجوية الباكستانية، أسقطت ثلاث طائرات “رافال” فرنسية الصنع، في الساعات الأولى من اشتباك استمر أربعة أيام مع الهند حول كشمير. استقبل الوفد الصيني، بقيادة السفير في إسلام آباد، النبأ بارتياح واضح.

انتشر خبر أول ظهور قتالي فعلي لمقاتلة J-10C بسرعة، وبحلول الفجر كان الملحقون العسكريون من كابول إلى القاهرة يتداولون تقارير عن أداء الطائرة الصينية متعددة المهام أمام مقاتلات غربية متقدمة. هذه اللحظة شكلت نقطة تحول: بعد عقود من التقييمات النظرية، أصبحت المعدات الصينية تحظى الآن بإثبات واقعي في ساحة المعركة، بمواجهة مباشرة مع طائرات بمواصفات الناتو.

ترجع جذور الأزمة إلى 22 أبريل، حين أسفر هجوم دامي في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية عن مقتل العشرات من الجنود الهنود. اتهمت نيودلهي إسلام آباد، وردّت على غير عادتها بعملية عسكرية أطلقت عليها اسم “سِندور”، استُخدمت فيها طائرات “ميراج 2000″ و”رافال” لاختراق الأجواء الباكستانية وتنفيذ ضربات استهدفت مناطق حدودية، وأخرى داخل عمق البنجاب، في سابقة مثيرة للقلق في جنوب آسيا.

لكن باكستان كانت قد عملت خلال السنوات الأخيرة على تنويع مصادر تسليحها، متخلية تدريجياً عن اعتمادها على الأنظمة الأمريكية. ومع جاهزية الطائرات الصينية، ومنظومات الدفاع الجوي HQ-9، وقدرات الحرب الإلكترونية، أصبحت إسلام آباد قادرة ليس فقط على امتصاص الضربات، بل والرد عليها باستخدام معدات متطورة وفي ظروف اشتباك فعلي.

j-10c vs rafale

حتى ذلك الحين، كانت مقاتلات “جي-10 سي” لا تظهر إلا في المعارض والعروض الجوية. لكن في أجواء كشمير المتنازع عليها، واجه الطيارون الباكستانيون مقاتلات الرافال والميراج الهندية. وأكدت إسلام آباد أن رادارات AESA الحديثة وأنظمة الحرب الإلكترونية في مقاتلاتها تفوقت على نظيراتها الغربية، مما أتاح قدرة دقيقة على تتبع الأهداف والاشتباك معها. وخلال ساعات، سقطت ثلاث طائرات رافال في أراضٍ نائية قرب الحدود، وسط صمت تام من قيادة سلاح الجو الهندي، وغياب أي تعليق رسمي من شركة “داسو” الفرنسية.

لكن صور الحطام، التي طابقت الهياكل الفرنسية، دعمت الرواية الباكستانية، وحولت الجدل من شائعات إلى نقاش فعلي: هل وصلت قدرات الصين إلى مستوى يضاهي، أو ربما يتفوق، على نظيراتها الغربية في القتال الجوي الحقيقي؟

اختارت الهند عدم تأكيد أو نفي فقدانها للرافال، حفاظًا على أمنها العملياتي وسرية تكتيكاتها، إلا أن الهيمنة الإعلامية تحولت لصالح باكستان، التي نشرت صورًا وتحليلات للحطام، واستعرضت تفاعلات صينية مبتهجة على منصة “ويبو”. وخلص محللون، من بينهم خبراء تسليح من واشنطن بوست، إلى أن الحطام يشير إلى وجود طائرتين مختلفتين من إنتاج فرنسي، وهما رافال وميراج 2000.

لقد أثبتت المعدات الصينية – في أول اختبار فعلي – أنها قابلة للاعتماد في سيناريو قتال عالي الكثافة، وهو ما يقوّض الافتراضات القديمة حول تفوق المعدات الغربية المطلق. على مدى عقود، حملت الأسلحة الصينية صورة النماذج “الاقتصادية” ذات القدرات المحدودة، لكن سياسة الرئيس شي جين بينغ رفعت من استثمارات الصين في الابتكار والتقنيات الرقمية والتسلح الذكي، حتى باتت مقاتلة J-10C تجسيدًا لهذا التحول، برادارها الشبكي ورابط تحكم طيران رقمي متطور.

طائرة مقاتلة صينية من طراز جي-10. الصورة: الجيش الصيني

واعتبرت كارلوتا ريناودو، من الفريق الدولي لدراسة الأمن في فيرونا، أن هذا الاشتباك يمثل انتصارًا صينيًا في مجال السمعة، ويهز المفهوم السائد بأن الهيمنة في الأجواء محصورة فقط في الأسلحة الفرنسية أو الأمريكية. فمنصة تم اعتبارها سابقًا “خيارًا رخيصًا” أصبحت الآن بحاجة لإعادة تقييم جدّي.

في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا، حيث تدرس العديد من الدول خيارات التسلح، أصبح الأداء في المعركة أكثر إقناعًا من أي كتيب ترويجي. حتى في تايوان، التي تركز على الدفاع البحري وردع عمليات الإنزال، أثار أداء الـ J-10C اهتمامًا كبيرًا، خاصة وأن هذه الطائرات تشارك في طلعات دورية فوق مضيق تايوان. وبينما كانت تُعتبر هذه المناورات نظرية في السابق، فإن نجاح الطائرة ضد طائرات مثل الرافال أثار قلق مخططي الدفاع التايوانيين، ما قد يدفع نحو مراجعة هيكل القوات، وتطوير الرادارات، وزيادة التنسيق التدريبي مع الحلفاء.

ومع ذلك، فإن نشوة النصر على منصات التواصل الاجتماعي الصينية لم تُترجم إلى تأثير سياسي فوري، إذ رفضت الهند وساطة بكين. فبالرغم من أن الصين المورد الرئيسي لباكستان في مجال التسلح، إلا أن افتقارها للحياد الظاهر حرمها من دور فعّال في احتواء التصعيد. وأثبتت الأزمة أن النجاح في ساحة المعركة لا يضمن بالضرورة تأثيرًا دبلوماسيًا، ولا أن الصادرات العسكرية وحدها تمنح ثقلاً إقليميًا.

ومنذ وقف واشنطن لمساعداتها العسكرية لإسلام آباد بعد انسحابها من أفغانستان عام 2021، عمّقت باكستان تعاونها الدفاعي مع الصين، شملت تصنيعًا مرخّصًا للدبابات، وتطويرًا مشتركًا لأنظمة الصواريخ. وشكل اقتناء مقاتلات J-10C، ومنظومات HQ-9، وحزم الحرب الإلكترونية المدمجة، خيارًا استراتيجيًا للابتعاد عن الاعتماد على الغرب.

وخلال اشتباكات 7-10 مايو، أثبت هذا التوجه جدواه، حيث أصبحت الأسلحة الصينية، التي كانت يومًا ملحقةً، عنصرًا رئيسيًا في الخطوط الأمامية – جاهزة، موثوقة، ومنسجمة مع عقيدة باكستان العسكرية.

ويشدد الخبراء على أن فعالية القتال الحقيقية لا تقاس بالمعدات وحدها، بل أيضًا بمستوى التدريب، وفعالية القيادة والسيطرة، والدمج المنهجي للأنظمة. وترى “يون سون” من مركز ستيمسون في واشنطن أن أبرز درسين من هذه الأزمة هما: ضعف أداء الأنظمة الهندية مقارنة بالتوقعات، وطموح استراتيجية نيودلهي التي استهدفت عمق أراضي باكستان.

ورغم كل ذلك، فإن الرد الباكستاني السريع والمتماسك، المعتمد على الأنظمة الصينية، نجح في تحجيم المكاسب الهندية، وخلق حالة دراسية حية لمفاهيم الحرب الشبكية، ومقاومة الحرب الإلكترونية، ودور مهارة الطيارين في حسم الاشتباك.

ورغم أن الاشتباك انتهى، إلا أن آثاره ستستمر لسنوات، وستعيد رسم خريطة سوق السلاح العالمي. إذ لم تعد الأسلحة الصينية محصورة في خانة “الخيار الاقتصادي”، بل أثبتت كفاءتها في الميدان. وستبدأ دول من أمريكا الجنوبية إلى جنوب شرق آسيا في مراجعة تحالفاتها وخطط اقتنائها للأسلحة، إدراكًا منها أن العروض الصينية باتت تشكّل بدائل واقعية، تضاهي الغربية والروسية، في سوق عالمي يتسم بتعدد الأقطاب، وتنافس لا يعتمد فقط على السعر، بل على الأداء الحقيقي تحت النيران.

مقالات ذات صلة