إقتصاد
أخر الأخبار

الجزائر في مرمى الإدانات الدولية:الاتحاد الأوروبي يدرجها على القائمة المالية السوداء

في خطوة تكشف تدهور سمعة النظام الجزائري على الصعيد المالي الدولي، أعلنت المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء 4 يونيو 2025 عن إدراج الجزائر رسميا ضمن قائمة الدول “عالية المخاطر“في ما يخص غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

هذا التصنيف الجديد، الذي جاء استجابة لتوصيات “مجموعة العمل المالي” (Financial Action Task Force) المختصرة بـ(FATF)، يضع الجزائر في مرتبة واحدة مع دول منهارة اقتصاديا ومؤسساتيا مثل لبنان وفنزويلا ولاوس، ويؤكد الصورة المتزايدة عن نظام يعاني من فساد بنيوي وغياب الشفافية المالية.

الجزائر: من الشعارات إلى السوق السوداء

اللافت أن هذا التصنيف الأوروبي يأتي في وقت يعاني فيه المواطن الجزائري من تضييق ممنهج على حقوقه المالية. فعلى الرغم من أن قانون المالية لسنة 2025 نص صراحة على منح كل مواطن حق صرف 750 يورو سنويا كـ”منحة سفر”، إلا أن هذا الإجراء لم يُفعل حتى اليوم، دون أي توضيح من الحكومة.

هذه المماطلة المتعمدة دفعت المواطنين إلى اللجوء إلى السوق السوداء للحصول على العملة الصعبة، وهي سوق موازية مزدهرة ينخرها الفساد وتُستخدم على نطاق واسع كآلية لتبييض الأموال وتمويل الأنشطة غير القانونية. والأسوأ من ذلك، أن الدولة تُغذي هذه السوق بشكل غير مباشر، من خلال فشلها في تنظيم سوق الصرف الرسمية، وهو ما يجعلها شريكا فعليا في دورة المال القذر.

نظام بلا شفافية… ولا رد رسمي

كالمعتاد، لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات الجزائرية تجاه هذا التصنيف المُهين. لا بيان من وزارة المالية، ولا توضيح من بنك الجزائر، ولا حتى محاولة للدفاع أو التبرير من الإعلام الرسمي. الصمت هنا ليس فقط علامة على غياب الشفافية، بل هو إقرار ضمني بالمأزق الذي يعيشه النظام، وخشيته من فتح ملفات ستقود حتما إلى فضح شبكات نفوذ تمارس التبييض والتهريب بعلم وحماية من داخل الدولة.

مقارنة محرجة… ودروس لم يُستفد منها

بينما خرجت الإمارات العربية المتحدة من القائمة الأوروبية بعد سنوات من العمل على إصلاح أنظمتها، تستمر الجزائر في السقوط الحر. ورغم الفوائض المالية من صادرات النفط والغاز، لم تُترجم هذه العائدات إلى سياسات مالية شفافة، بل تحولت إلى أدوات لإثراء طبقة فاسدة تحكم باسم الشرعية الثورية وتحتكر الدولة.

والأنكى أن تصنيف الجزائر جاء إلى جانب إمارة موناكو، المصنفة منذ منتصف 2024 في “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي، رغم أن موناكو دولة صغيرة ومفتوحة على التدقيق المالي الدولي، بينما الجزائر دولة ذات سيادة كاملة وبمؤسسات مالية سيادية، ما يفضح فشلها الذريع في تبرير سياساتها أو إصلاح منظومتها.

الدولة التي تُشرعن السوق السوداء

في النهاية، لم يعد ممكنا فصل فساد النظام الجزائري عن حالة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي التي تعيشها البلاد. عندما يُحرم المواطن من أبسط حقوقه في صرف عملة صعبة من ماله، ويُدفع قسرا إلى السوق السوداء، فذلك ليس مجرد إهمال إداري، بل هو تحفيز مباشر على التورط في منظومة غسل الأموال.

التصنيف الأوروبي ليس مجرد إجراء فني، بل هو إنذار سياسي واقتصادي موجه لنظام يرفض الإصلاح ويغذي الفساد من أعلى الهرم إلى أسفله.

مقالات ذات صلة