
في تطور دراماتيكي غير مسبوق، علم موقع مغرب إنتليجنس من مصادر خاصة أن أحد أكثر ضباط المخابرات الجزائرية نفوذا، قد انشق عن النظام وفر إلى سويسرا رفقة أسرته، طالبا اللجوء السياسي هربا من ما وصفه بـ”تهديدات بالتصفية والملاحقة السياسية” من داخل النظام الجزائري.
الضابط المعني، الذي يحمل الاسم الحركي “مروان“، ويُدعى في سجلات الخدمة “أنيس.ن، يشغل رتبة مقدم في المديرية العامة للتوثيق والأمن الخارجي (DGDSE)، وهو الجهاز الذي يُعد الذراع الخارجي للمخابرات الجزائرية. وكان مروان يرأس منذ عام 2020 مكتب الأمن والارتباط في السفارة الجزائرية بروما، أحد المواقع الأكثر حساسية في شبكة الاستخبارات الجزائرية.
“الصندوق الأسود” للنظام الجزائري يفر
حسب المعطيات التي توصلت بها مغرب إنتليجنس، فإن الضابط المنشق كان يُلقب في أروقة النظام بـ”الصندوق الأسود”، نظرا لدوره المحوري في إدارة ملفات شديدة الحساسية تخص العلاقات الجزائرية–الإيطالية، لا سيما في مجالات التعاون الأمني واللوجستي، بل وحتى في ترتيبات خاصة بعائلة الرئيس تبون شخصيا.
مصادرنا تؤكد أن مروان كان على علاقة مباشرة بتنظيم إقامات وعطل أبناء الرئيس تبون في إيطاليا، ما جعله في قلب دائرة الثقة العائلية والسياسية، قبل أن يتحول إلى هدف لحملة ممنهجة داخل أجنحة السلطة.
حرب أجنحة داخل النظام؟
الضابط المنشق قدم طلب لجوء رسمي لدى السلطات السويسرية مطلع مايو الماضي، مدفوعا بما وصفه مقربون منه بـ”خطر وشيك بالتصفية أو المحاكمة”، حيث تم، بحسب المصادر، تحريك ملف قضائي ثقيل ضده داخل المحكمة العسكرية بالبليدة، يتضمن تهما قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وتشير عدة مؤشرات إلى أن مروان قد يكون أحد ضحايا صراع أجنحة جديد داخل النظام، حيث تتصارع مكونات عدة على النفوذ، وعودة التوتر داخل أجهزة القرار الأمني.
صمت رسمي… وقلق في دوائر السلطة
رغم خطورة الحدث، تلتزم السلطات الجزائرية صمتا مطبقا حتى اللحظة، بينما تؤكد مصادر دبلوماسية أن الانشقاق أحدث صدمة في هرم الدولة، لما يحمله من رمزية ورسائل سلبية عن تماسك الجهاز الأمني الخارجي.
وتعتبر خطوة الضابط المنشق سابقة خطيرة في تاريخ جهاز DGDSE، الذي يُعرف بانضباطه الصارم وبالولاء المطلق لمراكز القرار. لكن يبدو أن الانقسامات داخل النظام بدأت تتسرب حتى إلى أجهزته الأكثر حساسية.
هل يبدأ مسلسل “انهيار الأعمدة الصلبة”؟
يرى محللون تحدثوا إلى مغرب إنتليجنس أن انشقاق “مروان” ليس مجرد حادث فردي، بل مؤشر على تصدع داخلي قد يطال هياكل الأمن والاستخبارات، في ظل عجز تبون عن توحيد مراكز القرار المتنازعة واحتواء الصراعات المتصاعدة بين شبكات النفوذ داخل الدولة.
وفي انتظار موقف رسمي من الرئاسة الجزائرية أو وزارة الدفاع، تتابع الأوساط السياسية والدبلوماسية الأوروبية عن كثب تطورات هذه القضية، التي قد تكون بداية لتسريبات أو فضائح أخرى، خصوصا وأن الضابط المنشق يحمل أسرارا ثقيلة عن علاقة النظام الجزائري بعدة عواصم أوروبية.
المصدر: