سياسة
أخر الأخبار

جهود حكومة أسامة حماد الداخلية تؤتي ثمارها دبلوماسيا: افتتاح القنصلية الليبية في عاصمة بيلاروسيا

افتتح رئيس الحكومة الليبية، الدكتور أسامة حماد، صباح امس الخميس، مبنى القنصلية الليبية في العاصمة البيلاروسية مينسك، في خطوة دبلوماسية هامة تعكس تنامي حضور الدولة الليبية على الساحة الدولية، واستعادة زمام المبادرة في علاقاتها الخارجية، بعد سنوات من التحديات والانكفاء القسري عن المحافل الدبلوماسية.

الافتتاح الذي جرى بحضور رسمي رفيع من الجانب البيلاروسي، على رأسه نائب رئيس الوزراء فيكتور كارانكيفيتش، والنائب الأول لوزير الخارجية سيرغي لوكاشيفيتش، ووزير الخارجية الليبي الدكتور عبد الهادي الحويج، عكس حرص كلا البلدين على تدشين مرحلة جديدة من التعاون المتبادل، تعززها إرادة سياسية مشتركة وواضحة للمضي قدما في بناء شراكة استراتيجية.

استُقبل رئيس الحكومة بحفاوة من طرف القنصل الليبي عبد الخالق الخفيفي وأعضاء البعثة الدبلوماسية، إضافة إلى طاقم القنصلية وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في بيلاروسيا. وقد أعرب الدكتور أسامة حماد في كلمته عن تقديره لجهود البعثة القنصلية في تمثيل ليبيا، مشددا على ضرورة الارتقاء بالأداء الدبلوماسي بما يليق بصورة ليبيا الحقيقية، وبما يعكس تطلعاتها نحو مزيد من الانفتاح على العالم.

وأكد رئيس الحكومة التزام حكومته بتقديم كل أشكال الدعم للبعثة القنصلية في مينسك، مع إعطاء الأولوية لخدمة أبناء الجالية الليبية، لاسيما الطلبة والمرضى، بما يضمن لهم الرعاية والاهتمام اللائقين، ويعزز ثقتهم في مؤسسات الدولة خارج الوطن.

بين الداخل والخارج: الدبلوماسية مرآة الاستقرار

لا يمكن فصل هذا التحرك الدبلوماسي المهم عن السياق الأوسع الذي تعيشه ليبيا، حيث تشير الوقائع على الأرض إلى استقرار ملحوظ في مناطق الشرق الليبي الخاضعة لإشراف حكومة الدكتور أسامة حماد. فمنذ توليه المنصب، عملت الحكومة على إعادة ترتيب البيت الداخلي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، مع إيلاء اهتمام خاص بإعادة إحياء الدور الليبي على الساحة الدولية، الذي ظل مُعطلا بفعل الانقسامات والتجاذبات لسنوات.

ويمثل افتتاح القنصلية الليبية في مينسك بالتوازي مع افتتاح القنصلية البيلاروسية في مدينة بنغازي، محطة دبلوماسية محورية على طريق إعادة تموقع ليبيا كدولة فاعلة ومسؤولة في محيطها الإقليمي والدولي. كما يعكس هذا الحدث وجود إرادة سياسية قوية لتجاوز الماضي وبناء علاقات متوازنة مع الدول الصديقة، تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

رسائل سياسية واضحة للعالم

تحمل هذه الخطوة أبعادا استراتيجية تتجاوز الإطار البروتوكولي. فهي رسالة واضحة مفادها أن ليبيا عادت إلى طاولة العلاقات الدولية بثقة وثبات، وأنها قادرة على إدارة شؤونها الخارجية من منطلق السيادة والمصلحة الوطنية، بعيدا عن الإملاءات أو الاصطفافات المغلقة.

كما يعكس الحضور الرسمي البيلاروسي في افتتاح القنصلية تقديرا متبادلا لليبيا الجديدة، واعترافا بدورها المحوري في منطقة البحر المتوسط وشمال أفريقيا، بل وأيضا كدولة واعدة في ملفات الطاقة، والهجرة، وإعادة الإعمار، وهي مجالات تهم الشركاء الأوروبيين والآسيويين على حد سواء.

ليبيا تتعافى… والعالم يرحب بعودتها

إن مشهد رفع العلم الليبي على مبنى القنصلية في مينسك، لا يمكن قراءته إلا بوصفه علامة من علامات التعافي الوطني، الذي بدأ يجد صداه في العواصم الدولية. فبعد سنوات من الصراعات والانقسامات، تعود ليبيا لتُعيد رسم صورتها كدولة تنشد السلم والاستقرار، وتسعى إلى استعادة مكانتها الطبيعية في المنظومة الدولية.

وبينما تعمل الحكومة الليبية على تعزيز حضورها في المحافل الإقليمية والدولية، فإن مثل هذه التحركات تمثل مكسبا سياسيا ومعنويا كبيرا، وتفتح المجال أمام استثمارات جديدة، وتعاون أوسع في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة، بما ينعكس إيجابا على المواطن الليبي داخل البلاد وخارجها.

في الختام، يبدو أن حكومة الدكتور أسامة حماد قد اختارت أن تراهن على الاستقرار والبناء، وتُوجه البوصلة نحو الخارج من موقع القوة لا التبعية. فليبيا اليوم، وهي تفتتح قنصليتها في مينسك، تعلن مجددا أنها لا تزال حاضرة، وقادرة على صناعة مستقبلها بيدها، وفق رؤية واضحة واستراتيجية متكاملة، محورها المصلحة الوطنية ومكانة الدولة.

مقالات ذات صلة