تاريخ وأرشيف

رشيد نكاز… عميل مخابرات عسكرDz المتحمس يثبت بنفسه مغربية الصحراء الشرقية!

‏بغبائه السياسي المعتاد، خرج رشيد نكاز، أحد الأبواق “المدنية” للنظام الجزائري، ليلقي علينا دروسا في التاريخ والسياسة، متوهما أنه يدافع عن “السيادة الجزائرية” وعن “علاقات الجزائر مع دول الساحل”، لكنه في الواقع ومن حيث لا يدري قدم خدمة كبيرة للمغرب وأثبت عمق الامتداد التاريخي والجغرافي للمملكة المغربية في قلب إفريقيا جنوب الصحراء.

‏في محاولته المضحكة لتشويه صورة المغرب، قال نكاز ان سلطان المغرب أحمد المنصور الذهبي الذي قاد حملة عسكرية سنة 1591 إلى منطقة تمبكتو وأطاح بإمبراطورية سونغاي، التي كانت تضم جغرافيا جزء من مالي والنيجر بوركينا فاسو، والسنغال ارتكب في نظر العميل المتحمس “جريمة تاريخية”، بينما نراه دون أن ينتبه يُقر بأمر خطير:

‏المغرب، بقيادته السياسية والعسكرية، كان القوة السيادية الوحيدة التي تحكم وتتحرك بحرية في كامل الصحراء الكبرى وعمق الساحل الإفريقي.

‏وفي هذا السياق، لا يمكن الحديث عن الحملة المغربية على إمبراطورية سونغاي دون التوقف عند مشروع السلطان أحمد المنصور الذهبي، أحد أعظم سلاطين الدولة السعدية، الذي أطلق سنة 1591 حملة عسكرية استراتيجية بقيادة القائد جُودر باشا نحو قلب الساحل الإفريقي، وأسقط واحدة من أقوى الإمبراطوريات الإفريقية آنذاك.

‏الهدف من الحملة كان ثلاثي الأبعاد:

‏1-دينيا وسياسيا: فرض الزعامة الروحية للمغرب في غرب إفريقيا، في إطار إمارة المؤمنين.
‏2-اقتصاديا: استعادة السيطرة على طرق تجارة الذهب العابرة للصحراء.
‏3-جيواستراتيجيا: ترجمة الانتصار على البرتغال في وادي المخازن إلى توسع ميداني يعيد للمغرب مكانته بين القوى الكبرى وقطع الطريق أمام التوغل البرتغالي في غرب أفريقيا و ضمان بقاء المنطقة تحت راية الإسلام

‏وقد حققت الحملة انتصارا حاسما في معركة تونبيدي، وفرض المغرب سيطرته على غاو وتمبكتو، وأقام إدارة مغربية في المنطقة، امتد نفوذها حتى ما يعرف اليوم بالنيجر وبوركينا فاسو. وبذلك لم تكن الحملة مغامرة عسكرية، بل مشروعا متكاملا عزز حضور المغرب في إفريقيا، سياسيا، اقتصاديا، ودينيا.

‏ومن المهم تصحيح المغالطة التي وقع فيها رشيد نكاز حين وصف قائد الحملة المغربية بـ”المرتزق الإسباني”. فالقائد المقصود هو جُودر باشا، واسمه الأصلي دييغو دي غيفارا، وكان مورسكيا أندلسيا أُسر في طفولته ونُقل إلى المغرب، حيث نشأ وتعلم في البلاط السلطاني واعتنق الإسلام. وبتفوقه العسكري، عينه السلطان أحمد المنصور قائدا عاما للجيش، ليقود الحملة إلى تمبكتو. فلم يكن مرتزقا، بل قائدا رسميا في خدمة الدولة المغربية، وجزءا من مشروعها الإمبراطوري.

‏لكن الأكثر سخرية في خطاب نكاز، أنه – في محاولته تبرئة الجزائر والجزائريين من أحداث الحملة المغربية على الساحل – وقع في ورطة تاريخية أعمق: فقد أثبت بنفسه أن الجزائر لم تكن موجودة أصلا كدولة أو كيان سياسي في القرن السادس عشر، إذ لم تكن لها حدود مع منطقة الساحل، ولا سلطة أو جيش يمكن أن يُشارك أو يُعارض تلك الحملة.

‏بمعنى آخر:
‏تبرئة نكاز للجزائر من أحداث سنة 1591 ليست دفاعا… بل اعترافا صريحا بأن الجزائر لم تكن طرفا في التاريخ آنذاك، وأن المجال الجغرافي الممتد من مراكش إلى تمبكتو كان تحت النفوذ المغربي الخالص. فلو كانت هناك “جزائر” بحدود قائمة كما يدعي النظام اليوم، لكانت حاضرة في الحملة أو متضررة منها. أما غيابها الكامل فهو شهادة ضمنية على أن الصحراء الشرقية، وتندوف، وبشار، بل وحتى الساحل… كانت خارج أي سيادة جزائرية، وتابعة للسلطة المركزية المغربية.

‏ويجب التذكير هنا بحقيقة لا يمكن إنكارها:
‏أن شعوب الساحل، من مالي إلى النيجر، كانت وما زالت ترى في سلاطين المغرب رموزا دينية وسياسية لإمارة المؤمنين، وكانت العديد من قبائلها ومشيخاتها تدين بالولاء للعرش المغربي منذ قرون، في إطار بيعة شرعية تنبع من وحدة العقيدة والمذهب والقيادة الدينية.

‏وهذه الروابط لم تكن فقط عسكرية أو اقتصادية، بل روحية وثقافية، تجسدها الزوايا المغربية المنتشرة في تمبكتو وغاو، وقوافل العلماء الذين نقلوا الفكر المغربي والمدارس الفقهية المالكية إلى عمق القارة.

‏وخلاصة القول ان رشيد نكاز لم يُحرج المغرب، بل حرر شهادة تاريخية حية لصالحه، تُسقط أطروحة عسكرDz، وتُثبت بما لا شك فيه أن الصحراء الشرقية ارض مغربية، وأن عمق المغرب كان دائما في إفريقيا.

‏فشكرا لك أيها “الناطق غير الرسمي المتحمس” للمخابرات الجزائرية… لقد أديت الدور المعاكس ببراعة تفوق التوقعات!