مريم رجوي تخاطب البرلمان الأوروبي: لا للمساومة مع نظام الملالي… نعم لإيران حرة بقيادة المقاومة الإيرانية من أجل الحرية والديمقراطية (نص+فيديو)

في كلمة قوية وحاسمة ألقتها أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، دعت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف الرسمي بنضال الشعب الإيراني لإسقاط النظام الديني الحاكم في طهران، مشددة على أن “الحل الوحيد للسلام والأمن في إيران والمنطقة هو في تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة المنظمة”.
رجوي، التي تحدثت بعد سبعة أشهر من آخر خطاب لها أمام النواب الأوروبيين، قدمت تشخيصا شاملا للوضع الراهن في إيران، بدءا من تصاعد التوترات الإقليمية، مرورا بالحرب المستعرة التي اندلعت في 13 يونيو الجاري، وصولا إلى القمع الداخلي المتزايد، مؤكدة أن جذور الأزمة أعمق من مجرد البرنامج النووي، وتتمثل في الاستبداد الديني الحاكم منذ أكثر من أربعة عقود.
“السياسة الغربية أخطأت التقدير”
قالت رجوي في كلمتها إن سياسة الاسترضاء التي اتبعتها الحكومات الغربية تجاه طهران كانت بمثابة الوقود الذي غذى عدوانية النظام، مشيرة إلى أنها حذرت قبل أكثر من عشرين عاما من أن المساومة مع نظام الملالي ستؤدي حتما إلى الحرب، وهو ما نشهده اليوم.
وتابعت: “قلنا في 2004 هنا في هذا البرلمان: سياسة المساومة تُشجع الملالي على المضي قُدُما في سياساتهم العدوانية، وستؤدي في النهاية إلى حرب مفروضة على العالم الغربي”، مضيفة: “اليوم لم تعد هذه مجرد نظرية بل واقع دام نشهده”.
المقاومة البديلة الحقيقية
رجوي شددت على أن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ومنظمة مجاهدي خلق، يشكلان البديل الديمقراطي المشروع لهذا النظام، رافضة في الوقت ذاته كل محاولات إعادة إنتاج الاستبداد، سواء بنظام الشاه أو نظام الملالي.
وأضافت: “شعب إيران لا يريد العودة إلى الماضي، بل يسعى إلى مستقبل حر. نريد جمهورية ديمقراطية غير نووية، قائمة على فصل الدين عن الدولة، والمساواة، وحقوق الإنسان”.
إدانات بلا مفعول
وفيما أثنت على القرارات التي تبناها البرلمان الأوروبي لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان، انتقدت بقوة استمرار الاتحاد الأوروبي في رفض إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب، معتبرة أن هذا التردد يُمثل “امتدادا للسياسات الخاطئة التي ضحت بحقوق الإنسان والمقاومة على مدى ثلاثة عقود”.
خطة الانتقال الديمقراطي
في ختام خطابها، عرضت رجوي ملامح المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام، قائلة إن المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية سيسلم السلطة إلى مجلس تأسيسي منتخب ديمقراطيا خلال ستة أشهر، تمهيدا لإعداد دستور جديد وتأسيس جمهورية حرة.
واختتمت رجوي بدعوة مباشرة إلى أوروبا: “لقد حان الوقت كي يعترف الاتحاد الأوروبي رسميا بشرعية معركة الشعب الإيراني من أجل الحرية… فالمستقبل محسوم، وسيكون مستقبل جمهورية ديمقراطية حرة“.
نص كلمة مريم رجوي امام نواب البرلمان الأوروبي:
السيدات والسادة أعضاء البرلمان الأوروبي المحترمون، أيها الأصدقاء الكرام!
يسعدني اللقاء بكم أنتم ممثلي الشعب الأوروبي حيث تقفون بجانب الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية من أجل الحرية والديمقراطية.
مضت سبعة أشهر، منذ أواخر نوفمبر 2024 حيث التقيت بكم في البرلمان الأوروبي وتحدثت معكم بشأن وطني إيران. أفضل أن أستهل حديث اليوم بمراجعة محاور ما كنا نقوله في ذلك اليوم.
1. لقد عمّت أزمة السقوط أركان الدكتاتورية الدينية، والجميع بات يرى ذلك بأمّ عينه، لا سيّما أولئك الذين رأوا بأعينهم ما جرى في سوريا وفي مصير بشار الأسد خلال شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي. لم يكن أحد يتوقع ذلك، لكنه كان واقعًا حدث فعلًا. أما الحرب التي بدأت فجر يوم الجمعة 13 حزيران/يونيو، فهي تمثّل بداية مرحلة خطيرة في وضع إيران والتحولات الإقليمية. لكن يجب أن أُؤكد أن الحرب الحقيقية هي تلك التي بدأت قبل 44 عامًا، وتحديدًا في 20 حزيران/يونيو 1981، وهي حرب الشعب الإيراني ومقاومته ضد حكم الفاشية الدينية، وحلّها الوحيد هو إسقاط هذا النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية.
قبل 21 عامًا، قلت في هذا البرلمان نفسه إن حلّ قضية إيران لا يكمن في المساومة ولا في الحرب، بل في الخيار الثالث، أي تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة المنظمة. وقلت يومها: ”إن سياسة المساومة والاسترضاء تشجّع نظام الملالي على الاستمرار في سياساته، وفي نهاية المطاف تفرض الحرب على الدول الغربية.“
كما دعوتُ قائلة: ”دعونا لا نسمح بتكرار تجربة ميونيخ مع الملالي المسلحين بالقنبلة النووية.“ واليوم، نرى أن سياسة المساومة مع هذا النظام قد فرضت بالفعل الحرب. وأُجدّد تأكيدي اليوم أن السلام والأمن الدائم في هذه المنطقة من العالم لن يتحققا إلا بتغيير نظام إيران على يد الشعب والمقاومة الإيرانية.
2. لقد قالت مقاومتنا منذ البداية إن الأفعى لا تلد حمامة، وإن الدكتاتورية الدينية غير قابلة للإصلاح. إنها تسعى لتصدير الإرهاب والتطرف وصنع السلاح النووي، ولا تتخلى عن التخصيب النووي. وقد ثبت ذلك بالفعل.
3. قلنا إن التفاوض والمسايرة مع هذا النظام لا يجديان نفعًا، بل هما إضاعة للوقت ومنحٌ للفرص للنظام، وقد تبيّن أن ذلك أيضًا كان حقيقيًّا وثبتت صحته.
4. إن مقاومتنا هي التي كشفت لأول مرة آب/أغسطس 2002 عن منشآت النظام السرية الخاصة بالمشروع النووي. وقد أشار رئيس الولايات المتحدة في حينه، ونائبه، ووزير خارجيته، ومستشاره للأمن القومي مرارًا إلى هذه الحقيقة، وأكدوا أن العالم لم يكن على دراية بمشروع النظام لصناعة القنبلة، وأن هذه المقاومة الإيرانية هي التي أيقظت العالم، ولولا ذلك، لكان النظام قد أنتج القنابل النووية سرًا.
في ذلك الوقت كان السؤال المطروح: ما العمل؟ ومنذ ذلك الحين، كنت أؤكد على الخيار الثالث، أي: لا للمساومة ولا للحرب، بل التغيير على يد الشعب والمقاومة المنظمة والمشروعة والعادلة. تلك المقاومة التي، وللأسف، تم إدراجها على القوائم السوداء في أوروبا وأمريكا بدلًا من هذا النظام وحرسه، وكان ذلك سخرية مرة من التاريخ. لكن لاحقًا، قام الاتحاد الأوروبي عام 2009، ثم الولايات المتحدة عام 2012، بإلغاء وإبطال تصنيف كل منالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، وجيش التحرير الوطني الإيراني. وقصدي من هذا التذكير هو التأكيد على صحة ومشروعية الخيار الثالث. لقد قلنا إننا لا نريد مالًا ولا سلاحًا، بل فقط نريد – ومازلنا نريد – أن نُعامل كما تفعلون أنتم الأوروبيون: أن نقاوم الفاشية – لكن من النوع الديني – وأن يتم الاعتراف بهذه المقاومة. هذا فقط. لكن هذا الحق ما زال حتى اليوم مسلوبًا من شعبنا ومقاومتنا. ومع ذلك، فإنكم أنتم في هذا البرلمان، وزملاؤكم، وأربعة آلاف برلماني على جانبي الأطلسي، وشخصيات سياسية وأكاديمية تشاركونكم الفكر، قد أصررتم مرارًا على هذا الحق.
5. النتيجة أن الحلّ الوحيد لهذه الحرب والأزمة هو إسقاط هذا النظام وتغييره على يد الشعب والمقاومة الإيرانية. نعم، هناك بديل يملك برنامجًا واضحًا وسجلًا طويلًا من النضال المتواصل ضد هذا النظام الديني الاستبدادي، وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يدخل عامه الرابع والأربعين هذا العام. لا يمكن فرض البديل كما حدث قبل مئة عام بتنصيب ملك من قِبل بريطانيا. ولا كما حصل في عام 1953 بانقلاب نفذته أمريكا ضد حكومة الدكتور محمد مصدق الوطنية، حيث فُرض النظام بالقمع والإعدامات والتعذيب. لو أن حكومة وطنية ديمقراطية استمرت آنذاك، لكان تاريخ إيران والمنطقة مختلفًا، ولما وصل خميني والملالي إلى السلطة. لكن شعب إيران وأبناءه الأحرار لم يستسلموا. نحن الآن في العام الستين من نضال منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ضد دكتاتوريتين: دكتاتورية الشاه، ودكتاتورية الملالي الدينية. لم نتوقف يومًا واحدًا عن المقاومة في هذا النضال. سجون وغرف التعذيب وفرق الإعدام لدى دكتاتوريتي الشاه والملالي لم تتوقف يومًا عن القتل والقمع، ولن تتوقف إلا بيوم سقوطهما. لهذا نقول: لا لنظام الشاه ولا لنظام الملالي؛ لأن شعب إيران لا يقبل بأي شكل من أشكال الاستبداد، بل يريد الحرية.
نعم، إيران حرّة، وهذا هو سبب وجودي هنا اليوم.
نتائج المساومة مع النظام
دعوني أذكّركم بجملة واحدة قلتُها في هذا المكان نفسه بتاريخ 15 كانون الأول / ديسمبر 2004: ”سياسة الاسترضاء والمساومة تشجّع نظام الملالي على مواصلة سياساته، وفي النهاية تفرض الحرب على الدول الغربية.“ ”فلنتكاتف كي لا يتكرر خطأ ميونيخ مع الملالي المسلّحين بالقنبلة النووية.“ لقد قلنا مرارًا لخامنئي، وسنكررها مجددًا: تفضّل واذهب إلى التفاوض، وقم بالتراجَع. تجرع كأس السمّ بالتخلي عن القنبلة النووية وإشعال الحروب، كما فعل خميني الدجّال قبلك. لكننا نعلم أن خامنئي لن يفعل ذلك، لأنه يرى في التراجع أقصر طريق إلى السقوط. إنه لا يقدم على الانتحار خوفًا من الموت، لكنه يُغرق الشعب الأعزل في الحروب والقلق وانعدام الأمن ليحافظ على نظامه المهتزّ المنهار. لكن شعب إيران لن يمنح هذا النظام فرصة أخرى للبقاء.
ما هي القضية الرئيسية في إيران؟
القضية الراهنة في إيران، والحرب التي اندلعت بسببها، تتمحور حول الملف النووي. لكن قضية إيران في جوهرها تتجاوز بكثيرالبرنامج النووي لهذا النظام. القضية الحقيقية هي الصراع بين الشعب والمقاومة الإيرانية من جهة، والاستبداد الديني من جهة أخرى. في العام الماضي، وصف المقرّر الخاص للأمم المتحدة مجازر السجناء السياسيين في ثمانينات القرن الماضي وبالتحديد عام 1988 بأنها إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية. والآن، انظروا إلى سجل النظام في العام الماضي فقط: منذ تسلّم بزشكيان منصبه في آب / أغسطس 2024 وحتى اليوم، تم إعدام أكثر من 1350 سجينًا. لا يوجد بلد في العالم – نسبةً إلى عدد السكان – تُنفّذ فيه الإعدامات بهذا الشكل المتوحش كما هو الحال في إيران. ومع ذلك، فالحكومات ووسائل الإعلام الغربية لا تُبدي أدنى اهتمام يُذكر. لا يوجد بلد في العالم يشهد احتجاجًا ومقاومةً يوميةً من أجل التغيير مثل إيران. كل يوم، يحتجّ العمال والموظفون والمعلمون والممرضون والمتقاعدون في مدن مختلفة من البلاد. وفي العام الماضي فقط، نفذت ”وحدات الانتفاضة“ ما يزيد على 3000 عملية خارقة للقمع ضد نظام الملالي. لكن الحكومات ووسائل الإعلام الغربية تتعمّد تجاهل ما يجري على الأرض.
ومع ذلك، فإن هذا البرلمان قد صوّت خلال العام الماضي على عدة قرارات تُدين الإعدامات وانتهاكات حقوق الإنسان. غير أن الاتحاد الأوروبي ما زال يرفض إدراج ”الحرس“ على قائمته للمنظمات الإرهابية. وهذا الامتناع يُجسّد استمرار السياسات الخاطئة التي سادت على مدى العقود الثلاثة الماضية: التضحية بحقوق الإنسان والمقاومة الإيرانية، وتشويه صورتها عمدًا، لم يُوقف عدوانية هذا النظام ولا ابتزازه ولا اختطافه للمواطنين الأجانب. هذه المقاومة التي قدّمت أكثر من مئة ألف شهيد من أعضائها ومناصريها في سبيل الحرية والديمقراطية، مستمرة في نضالها. شعب إيران يريد إسقاط هذا النظام. ونحن ننهض من أجل إقامة جمهورية ديمقراطية، لا نووية، تقوم على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين المرأة والرجل، وحقوق القوميات، وسلطة قضائية مستقلة، وإلغاء حكم الإعدام. كلّ ذلك ورد في البرنامج الذي وضعه المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وأقره قبل أكثر من أربعة عقود، حيث أكد فيه سعينا إلى إقامة نظام تعددي يكون دائمًا مدافعًا عن السلام في منطقة الشرق الأوسط.
هذا هو وجه إيران الحرة في المستقبل. إنه المصير المُشرق الذي ستصنعه انتفاضة الشعب الإيراني.
أحقية نضال شباب الانتفاضة الداعين إلى الحرية
وفقًا لبرنامج المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، فإن ”مجلس تأسيسي وتشريعي وطني“ سيتم تشكيله في غضون ستة أشهر كحدٍّ أقصى بعد إسقاط هذا النظام، وذلك عبر انتخابات حرّة تُجرى بالاقتراع العام، المباشر، المتساوي، والسرّي لجميع أبناء الشعب الإيراني. وبمجرّد تشكيل هذا المجلس، تنتهي مهام المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والحكومة الانتقالية المنبثقة عنه، ويتولى المجلس التأسيسي صياغة دستور الجمهورية الجديدة. كما قال مسعود رجوي، قائد المقاومة: ”نتيجة هذه المعركة العادلة محسومة سلفًا. لن نعود إلى الماضي، ولن نبقى عالقين في الحاضر، بل إنّ المستقبل سيتحقق حتمًا. نعم جمهورية ديمقراطية حرة.“ لقد حان الوقت كي يدعو البرلمان الأوروبي الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى الاعتراف رسميًا بنضال الشعب الإيراني من أجل إسقاط النظام وتحقيق إيران حرة.
وندعوهم إلى الاعتراف بشرعية معركة شباب الانتفاضة الداعين للحرية ضد نظام الملالي وقواته القمعية، وعلى رأسها قوات الحرس.