سياسةشأن عسكري
أخر الأخبار

مسؤول عسكري إسرائيلي: “كان من الخطأ” القول ان موقع بوشهر تعرض للقصف…وقلق خليجي من كارثة بيئية محتملة

في تصعيد جديد للتوتر الإقليمي، أثار تصريح متناقض من مسؤولين عسكريين إسرائيليين حول استهداف محطة بوشهر النووية الإيرانية، موجة من القلق العميق في دول الخليج، التي ترى في أي هجوم على هذا المرفق الحساس تهديدا مباشرا لحياة الملايين في المنطقة.

وكان متحدث عسكري إسرائيلي قد أعلن صباح الخميس أن إسرائيل استهدفت موقع بوشهر النووي، وهو ما عادت قيادة الجيش لتتراجع عنه لاحقا. وقال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير، في تصريح لوسائل الإعلام، إن التصريح بشأن بوشهر كان “خطأ”، مؤكدا فقط ضرب مواقع نووية أخرى في نطنز وأصفهان وأراك، دون تأكيد أو نفي بشأن بوشهر. هذا التناقض لم يبدد المخاوف، بل عمقها.

تقع محطة بوشهر، وهي المحطة النووية الوحيدة العاملة لإنتاج الكهرباء في إيران، على الساحل الجنوبي المطل على الخليج، وتستخدم وقودا نوويا روسيا يُعاد إلى موسكو بعد استهلاكه، في إطار ترتيبات أمنية تهدف للحد من مخاطر الانتشار النووي.

خطر التلوث وتداعيات “الضربة المجهولة”

التساؤلات المتزايدة حول مصير بوشهر أعادت إلى الواجهة تحذيرات أطلقها قادة خليجيون في وقت سابق من هذا العام. ففي مارس الماضي، قال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن أي ضربة تستهدف المنشآت النووية الإيرانية “ستُلوث مياه الخليج بالكامل”، مشيرا إلى أن المنطقة ستواجه خطرا وجوديا يتمثل في فقدان الماء والسمك والحياة.

ويُعد هذا التحذير شديد اللهجة انعكاسا لحالة القلق المستمرة في الدول الخليجية الثلاث على الضفة المقابلة لإيران وهي قطر والإمارات والكويت والتي تعتمد كليا على مياه الخليج لتحلية مياه الشرب. هذه الدول، التي يبلغ مجموع عدد سكانها أكثر من 18 مليون نسمة، لا تملك مصادر مائية طبيعية كافية، ما يجعلها شديدة الحساسية لأي تلوث قد يمس مياه البحر.

الروس في قلب المعادلة

ولعل ما يزيد من تعقيد المشهد هو وجود أكثر من 200 خبير روسي يعملون حاليا داخل محطة بوشهر، ما دفع موسكو إلى التحرك دبلوماسيا وعسكريا لتأمين سلامتهم. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تصريح له امس الأربعاء، إن بلاده توصلت إلى تفاهم مع القيادة الإسرائيلية لضمان عدم المساس بالكوادر الروسية في الموقع.

من جانبها، أصدرت السفارة الروسية في طهران بيانا مقتضبا الخميس أكدت فيه أن محطة بوشهر تعمل بشكل طبيعي، وأنها لم ترصد أي تهديد أمني في محيطها.

خطة طوارئ خليجية بالتنسيق مع الوكالة الدولية

وفي سياق الاستعدادات الاستباقية، كشف مصدر مطلع لوكالة “رويترز” أن دول الخليج، بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وضعت خطة طوارئ شاملة لمواجهة أي سيناريو يتعلق بتسرب نووي ناتج عن هجمات عسكرية على أي مفاعل في المنطقة. وأضاف المصدر أن الأسوأ بالنسبة لدول الخليج هو تضرر محطة بوشهر تحديدا، نظرا لقربها الجغرافي واعتماد السكان على البحر مصدرا وحيدا للمياه.

سيناريوهات قاتمة… وأسئلة معلقة

الارتباك الرسمي الإسرائيلي حول استهداف بوشهر يفتح الباب أمام فرضيتين: إما أن تكون إسرائيل قد ضربت المنشأة وتحاول التغطية على ذلك لأسباب دبلوماسية تتعلق بروسيا والخليج، أو أن التضارب مجرد ارتباك تكتيكي ضمن حملة نفسية واسعة تستهدف إيران.

في كلتا الحالتين، تبقى الحقيقة غامضة، لكن الثابت أن أي مغامرة عسكرية بالقرب من منشأة نووية مثل بوشهر تُهدد بتحويل الخليج إلى منطقة كارثة بيئية غير مسبوقة، في منطقة لم تعد تتحمل المزيد من الزلازل الجيوسياسية.

وفي انتظار اتضاح الصورة، يبقى الخليج على حافة القلق، يتنفس الحذر، ويستعد للأسوأ.

مقالات ذات صلة