سياسةمجتمع
أخر الأخبار

هروب عبر سيناء: مصر تتحول إلى ممر آمن للفارين من إسرائيل وسط تصاعد الحرب مع إيران

في ظل تصاعد حدة المواجهة بين إسرائيل وإيران، وتزايد القصف المتبادل، بدأت مصر تلعب دورا غير معلن كممر إنساني ودبلوماسي في آن واحد، مع تدفق مئات من الأجانب والإسرائيليين نحو أراضيها، بحثا عن ملاذ آمن أو طريق عبور إلى وجهات أخرى، خاصة في ظل الإغلاق الكامل للمجال الجوي الإسرائيلي.

ورغم نفي السلطات المصرية وجود موجة “استثنائية” من تدفق الإسرائيليين، إلا أن المعطيات المتقاطعة من مصادر دبلوماسية وسياحية وإعلام عبرية تكشف صورة مغايرة: مصر أصبحت بوابة خلفية للهروب من نيران الحرب، وخصوصا عبر معبر طابا ومطار شرم الشيخ.

مصر تُجلي… بصمت

أكد السفير تميم خلاف، المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، لصحيفة الشرق الأوسط السعودية، أن عدة دول أوروبية وآسيوية، بينها التشيك والصين وروسيا، طلبت رسميا إجلاء رعاياها عبر الأراضي المصرية بعد إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي. السفارة الصينية في تل أبيب أعلنت بدورها تنظيم عمليات مغادرة عبر الحافلات من معبر طابا، الذي يبعد نحو 360 كيلومترا عن العاصمة الإسرائيلية.

مصادر مسؤولة في القاهرة أكدت أن “مصر لا تمانع في استقبال أي شخص يدخل أراضيها بشكل شرعي”، مشيرة إلى أن عددا من الإسرائيليين الذين كانوا يقيمون في فنادق جنوب سيناء “لم يتم منعهم من تمديد إقامتهم”، رغم التطورات الأمنية.

“هجرة يهود”… وتحذيرات إسرائيلية

في المقابل، تناول الإعلام العبري المسألة من زاوية أكثر حساسية. إذاعة “AMS” الإسرائيلية، المتخصصة في شؤون المتدينين اليهود، وصفت ما يجري بـ”هجرة اليهود” إلى الولايات المتحدة، انطلاقا من إسرائيل، عبر الأراضي المصرية. ووفق الإذاعة، يلجأ العديد من اليهود الحريديم، خصوصا ممن يواجهون ظروفا طبية أو لديهم ارتباطات عائلية، إلى عبور معبر طابا برا، ثم التوجه إلى شرم الشيخ، ومنها إلى مطارات أوروبية أو تركية، قبل الوصول إلى نيويورك.

ورغم التحذيرات الأمنية الصادرة عن هيئة الأمن القومي الإسرائيلي بعدم السفر إلى مصر، يبدو أن هذه التحذيرات لم تجد صدى فعليا، خصوصاً أن عشرات العائلات الإسرائيلية تم توثيق مرورها إلى سيناء.

مطار شرم الشيخ… بوابة إلى العالم

تداولت بعض منصات التواصل الاجتماعي صورا لمطار شرم الشيخ قيل إنها تظهر تكدسا غير مسبوق لمغادرين “إسرائيليين”، لكن مسؤولا مصريا نفى هذه المزاعم، مؤكدا أن الصور قديمة، وأن غالبية العابرين حاليا هم من جنسيات أوروبية وآسيوية، معترفا في الوقت ذاته بأن بعضهم يحمل الجنسيات الإسرائيلية المزدوجة.

من طابا إلى نويبع… عبور اضطراري

بدوره، قال سامي سليمان، رئيس جمعية مستثمري طابا ونويبع للسياحة، إن هناك تدفقاً ملحوظا لأجانب – ومن بينهم إسرائيليون – قادمين من داخل إسرائيل عبر معبر طابا، يتجهون إلى نويبع أو شرم الشيخ، ومنها يغادرون جواً إلى بلادهم.

وأضاف سليمان أن “مصر لا تميز بين الجنسيات في هذه الظروف، وكل من يدخل البلاد بشكل قانوني يُعامل كضيف”، مشيرا إلى أن “الفنادق في جنوب سيناء لا تشهد إشغالا سياحيا حقيقيا، بل إشغالا مؤقتا بغرض انتظار موعد الرحيل”.

أزمة سياحة… وتغير موسمي

الحرب الإسرائيلية – الإيرانية لم تضرب فقط سماء تل أبيب وطهران، بل انعكست بشكل مباشر على حركة السياحة في المنطقة. فقد أشار سليمان إلى أن المصريين يترقبون عادة تدفقاً سياحيا إسرائيليا خلال فصل الصيف، لكن هذا الموسم يبدو مختلفا، بعد أن ضربت الحرب الرغبة في السفر وحتى القدرة على التخطيط لعطلات.

وتحدثت تقارير إسرائيلية في أبريل الماضي عن عبور أكثر من 40 ألف إسرائيلي، نصفهم من عرب 48، إلى سيناء عبر طابا لقضاء عطلة الفصح، لكن معظمهم عادوا إلى بلادهم قبل اندلاع الحرب.

مصر… توازن بين الأمن والسياسة

في خضم هذه المعادلة المعقدة، تبدو مصر حريصة على عدم تسييس المشهد، متمسكة بمبدأ السيادة القانونية واحترام المعابر الدولية، لكنها تدرك – وفق مراقبين – أهمية دورها كدولة محورية في إدارة تداعيات الحرب بالمنطقة، سواء على مستوى الإجلاء الإنساني أو تهدئة الجبهات.

بينما يغلق الشرق أبوابه بالنار والدخان، تبقى بوابة سيناء مفتوحة… وإن كانت لا تُعلن ذلك بصوت مرتفع.

مقالات ذات صلة