
“ديتاشمنت 201”.. الجيش الأمريكي يفتح أبوابه لكبار عقول وادي السيليكون
في خطوة غير مسبوقة تعكس تحولا نوعيا في بنية التفكير الاستراتيجي داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية، أعلن الجيش الأمريكي رسميا عن تأسيس وحدة احتياطية جديدة تحت اسم “Detachment 201″، تضم في صفوفها أربعة من أبرز التنفيذيين في شركات التكنولوجيا العملاقة، واللافت أن هؤلاء قد تم تعيينهم مباشرة برتبة “مقدم” (Lieutenant Colonel) دون المرور عبر المسارات العسكرية التقليدية.
عقول سيليكون فالي بالزي العسكري
تضم الوحدة الجديدة أسماء لامعة في عالم التكنولوجيا والابتكار، من بينهم:
–شايام سانكار، المدير التقني لشركة Palantir المتخصصة في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي.
–أندرو بوزوورث، المدير التقني لشركة Meta (فيسبوك سابقا)، وأحد رواد تطوير تكنولوجيا الواقع المعزز.
–كيفن وايل، الذي شغل سابقا مناصب قيادية في OpenAI، المؤسسة الرائدة في تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.
-بوب ماغرو، وهو الآخر من بين الأسماء التقنية البارزة التي ساهمت في دفع حدود الذكاء الصناعي.
الجيش الأمريكي يراهن على “الخبرة الاستثنائية”
بحسب بيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية، فإن هؤلاء التنفيذيين الأربعة لن يخضعوا لتدريب عسكري تقليدي، بل سيشاركون في برنامج مختصر مصمم لتلقينهم المبادئ الأساسية للانضباط العسكري، مما يمكنهم من الانخراط السريع والفعال في بيئة الجيش، دون التفريط في خصوصية خبراتهم المدنية.
ويهدف الجيش من وراء هذه الخطوة إلى دمج قدرات الذكاء الاصطناعي، وتقنيات الواقع المعزز، وتحليل البيانات الضخمة ضمن عملية التحديث الاستراتيجي الشامل للبنية التكنولوجية للجيش، تحسبا لتحولات ميدانية غير تقليدية في حروب المستقبل.
تعيين مباشر… وسابقة ذات دلالة
رغم ندرة تعيين المدنيين مباشرة برتب عسكرية عالية، إلا أن الجيش الأمريكي برر هذه الخطوة بأنها تقع ضمن صلاحيات التعيين الاستثنائي، والتي لطالما لجأ إليها الجيش خلال فترات التحولات العسكرية الكبرى. وأكد البيان أن “Detachment 201” ليست سوى امتداد لتقليد استراتيجي طالما اعتمد على توظيف الخبرات المدنية الخارقة وقت الحاجة، مثلما حدث خلال الحرب العالمية الثانية مع ضم علماء فيزياء ومهندسين إلى الجهد الحربي الأمريكي.
أدوار استشارية بدوام جزئي
وبحسب المخطط المعلن، فإن أعضاء الوحدة الجديدة سيؤدون مهامهم بشكل غير دائم (part-time)، عبر تقديم استشارات تقنية عالية المستوى، والمشاركة في بلورة السياسات التكنولوجية الدفاعية، دون أن ينخرطوا في عمليات ميدانية أو سلسلة القيادة العسكرية التقليدية.
نقلة نوعية في فلسفة الأمن القومي
هذه الخطوة تشير بوضوح إلى أن المؤسسة العسكرية الأمريكية باتت تدرك أن مستقبل الحروب لن يُحسم فقط بالدبابات والطائرات، بل بالبيانات والخوارزميات. كما يعكس القرار تحولا فلسفيا في مقاربة الأمن القومي، حيث لم يعد يُنظر إلى الحدود بين المدني والعسكري بوصفها خطوطا حمراء، بل مساحات تفاعلية تتطلب تعبئة العقول بقدر ما تتطلب تعبئة الجنود.
وبينما تُطلق هذه المبادرة تساؤلات أخلاقية وتنظيمية حول الطبيعة الهجينة المتزايدة للجيش الأمريكي، فإن المؤكد أن “Detachment 201” تمثل تجريبا جريئا لنموذج جديد من “الاحتراف العسكري التكنولوجي”، قد يرسم ملامح جيوش القرن الحادي والعشرين.