
أيها الشعب الجزائري الأبي،
في هذه الذكرى المجيدة، الثالثة والستين لاستقلال وطننا الحبيب الجزائر، أتوجه إليكم بأصدق عبارات التقدير والوفاء، وأشارككم مشاعر الفخر والاعتزاز بكفاح أجدادنا وآبائنا الذين سطروا بدمائهم الطاهرة ملاحم البطولة في ثورتنا التحريرية الخالدة.
نقف اليوم بخشوع، وقلوبنا تفيض بالرحمة والدعاء، إجلالا لأرواح الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم ليمنحونا هذا الوطن العزيز، واستقلالا طالما كان حلما راود أجيالا. غير أن الحلم لم يكتمل، والمسار لم يبلغ منتهاه.
فبعد الاستقلال، حادت الجزائر عن الوعد الأول، حينما استولى نظام حكم عسكري انقلابي على السلطة، مصادرا إرادة الشعب، ومعطلا مسار بناء دولة مدنية ديمقراطية، تكون فيها السيادة للشعب، وتُؤسس على قيم العدالة والحق والقانون. وما زال هذا النظام إلى اليوم يعيد إنتاج نفس منظومة الاستبداد، مانعا الجزائر من أن تنهض وتزدهر كما تستحق.
لقد فشل هذا النظام، ليس فقط في بناء الداخل، بل كذلك في صياغة علاقات نزيهة ومتينة مع الجوار الذي ساند ثورتنا بكل شرف، وعلى رأسه المملكة المغربية، التي احتضنت المجاهدين وآمنت بعدالة قضيتنا. فبدل تثبيت روابط الأخوة والتكامل، اختار النظام زرع التوتر والانقسام، في قطيعة مؤلمة مع ذاكرة النضال المشترك.
كما أخفق في وضع الجزائر في موقع الاحترام والتقدير في محيطها الدولي، بسبب سياسات تهدف إلى زعزعة استقرار منطقة شمال إفريقيا، بدل الإسهام في تنميتها ووحدتها.
لكننا، ورغم كل هذا، لا نفقد الأمل. نؤمن أن المعركة من أجل الاستقلال لم تنته بعد. فاستقلال الجزائر الحقيقي لن يتحقق إلا باسترجاع السيادة الشعبية، وبناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، تُمثل ارادة كل الجزائريين، وتصون كرامة الإنسان، وتعيد للوطن هيبته ومكانته.
فلنجعل من هذه الذكرى محطة للتأمل والنهوض… فالتاريخ لا يُكتَب بالمجاملات، بل بالإرادة الحية التي تصنع فجرا جديدا يليق بشعب لا يُقهر.
عاشت الجزائر حرة، مدنية، ديمقراطية.
رحم الله شهدائنا الأبرار
وليد كبير