صور وفيديوهات

‏التلفزيون الرسمي الجزائري… حين تُستبدل المهنية بالدعاية

‏في مشهد عبثي لا يليق بمؤسسة إعلامية يُفترض أن تحترم نفسها ومشاهديها، بث التلفزيون العمومي الجزائري تقريرا، ادعى فيه اكتشاف نفق سري يمتد من الأراضي المغربية إلى منطقة باب العسة الحدودية في ولاية تلمسان، زاعما أنه يُستخدم من قبل شبكات تهريب المخدرات لضرب استقرار الجزائر. لكن، ويا للفضيحة، لم يتورع التلفزيون الرسمي عن استخدام مقاطع فيديو سبق أن نشرتها قوى الأمن الإسبانية قبل أشهر، وتخص نفقا تم كشفه في مدينة سبتة المحتلة، لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالحدود الجزائرية!

‏هل هي قلة مهنية؟ أم استغباء متعمد للرأي العام؟ أم أن المؤسسة الإعلامية الرسمية تحولت إلى أداة لترويج سرديات أجهزة لا تُجيد سوى النفخ في نار العداء مع المغرب؟ أيا تكن الإجابة، فإن ما جرى يُعد سقطة مهنية وإخلاقية تُضاف إلى سجل طويل من التهافت الإعلامي الموجه.

‏من سبتة المحتلة إلى تلمسان… نسخ لصق وفبركة

‏الفيديو الإسباني المُعاد تدويره كان واضحا، وهو موثق بتاريخ وأحداث وموقع مختلف تماما. لكن يبدو أن القائمين على التلفزيون الجزائري يراهنون على ضعف ذاكرة المتلقي أو جهله، فقاموا ببساطة بانتزاع المشهد من سياقه الأصلي، وألصقوه بما يسمونه بهتانا وزورا “تآمر الرباط”.

‏الرسالة من كل ذلك ليست إعلامية، بل سياسية بامتياز:
‏إدامة حالة التعبئة ضد المغرب بأي وسيلة، حتى وإن كان رأس مالها الأكاذيب والفبركات.

‏وعندما يُطرح السؤال الجوهري على عسكرDz:
‏لماذا ترفضون التعاون والتنسيق الامني مع المغرب لمكافحة الجرائم العابرة للحدود والتي على راسها تهريب المخدرات؟….يُصابون بالبكم ولا تجرأ الابواق المتملقة لهم على الرد!

‏السقوط الأخلاقي للمعلومة

‏أن تلجأ قناة يُفترض بها أن تكون لسان حال الدولة إلى تلفيق التقارير بهذا الشكل الفاضح، فذلك مؤشر خطير على المستوى الذي بلغه الإعلام الرسمي في الجزائر. لم تعد هناك معايير للمعلومة ولا قواعد للتحقق، بل فقط ماكينة دعاية غارقة في جنون المؤامرة.

‏ما حدث ليس مجرد “هفوة تحريرية”، بل انحدار يُظهر مدى فقدان التلفزيون الجزائري لثقة المتلقي داخليا وخارجيا، بعد أن صار بوقا يُعيد إنتاج خطاب أمني محض، لا يختلف عن تلك المنشورات الدعائية التي تنتشر على منصات مشبوهة.

‏في الختام: مَن يُحاسب التلفزيون؟

‏في دول تحترم مؤسساتها، تُفتح التحقيقات بعد مثل هذه الفضيحة. أما في الجزائر، فغالبا سيُكافأ محررو التقرير لأنهم “خدموا القضية المقدسة” وضخوا جرعة إضافية من الكراهية المطلوبة. أما الحقيقة؟ فلتذهب إلى الجحيم، طالما أن “العدو الخارجي” حاضر لتبرير الفشل الداخلي.

‏لقد سقط القناع مرة أخرى عن إعلام رسمي لا يريد أن يكون إعلاما مهنيا، بل مجرد صدى لأوامر من فوق، حتى لو أدى ذلك إلى تلويث الحقيقة، وخيانة ثقة الشعب.