
في الرابع عشر من غشت/أوت 1979، طوى المغرب صفحة من صفحات الكفاح الوطني باسترجاع إقليم وادي الذهب، في محطة تاريخية تجسد عمق الارتباط بين العرش والشعب، وصلابة الإرادة في الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة.
رهانات النظام الجزائري ومناوراته
في تلك المرحلة، كان النظام العسكري الجزائري يراهن على استهداف موريتانيا، الدولة التي اعترف بها المغرب قبل عشر سنوات فقط، تضحية منه في سبيل وحدة الصف الإسلامي صيف 1969، عقب حريق المسجد الأقصى المبارك.
لقد انخرطت بلاد شنقيط، منذ سنة 1970، في مسار تحرير الصحراء إلى جانب المغرب، بمباركة جزائرية آنذاك، قبل أن تدير الجزائر ظهرها لجارَيها الشقيقين بعد توقيع اتفاقية مدريد في 14 نوفمبر 1975، والتي أنهت الاستعمار بالصحراء المغربية.
من نواكشوط إلى الزويرات… ومسار التصعيد
اعتقد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين أن توجيه العمليات المسلحة لجبهة البوليساريو نحو موريتانيا سيمكنه من فرض السيطرة على وادي الذهب. فجاءت الهجمات على نواكشوط سنة 1976، ثم على الزويرات سنة 1977، تلتها الإطاحة بالرئيس الموريتاني الراحل مختار ولد داده في يوليو 1978 بدعم مباشر من الجزائر، وصولا إلى إرغام موريتانيا على توقيع ما سُمي بـ”اتفاق السلام” في 5 غشت/أوت 1979 بالجزائر العاصمة.
التعاون الدفاعي المغربي الموريتاني
ابرم كل من المغرب وموريتانيا في ماي 1977 اتفاقا للدفاع المشترك، بموجبه أرسل المغرب 6000 جندي وسرب مقاتلات F-5 إلى موريتانيا، و3000 جندي إلى إقليم وادي الذهب، دعما للأمن والاستقرار في المنطقة.
عملية “قدر العسكرية” واستعادة السيادة
مع انكشاف خيوط المؤامرة، أطلق المغرب في 11 غشت/أوت 1979 عملية “قدر العسكرية”، التي أُنجزت بذكاء، وتم خلالها بسط السيطرة الكاملة ورفع العلم المغربي في سماء مدينة الداخلة.
وفي 14 غشت/أوت 1979، حل بالرباط وفود من العلماء والوجهاء والأعيان وشيوخ قبائل وادي الذهب لتجديد البيعة للملك الراحل الحسن الثاني، في مشهد تاريخي أكد متانة الارتباط بين الصحراء وعمقها المغربي.
خيبة أمل في الجزائر
شكل هذا الحدث صدمة للنظام الجزائري، الذي أدرك أن التدخل في شؤون الآخرين لا يجلب سوى الخسارة، كما يقال: “منيتدخل فيما لا يعنيه، يسمع ما لا يرضيه“… بل ويذوق الهزيمة قبل أن يحقق مآربه.
رسالة تهنئة ونداء عقل
وبهذه المناسبة الغالية، أتوجه بأحر التهاني وأطيب الأماني إلى جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، وإلى الشعب المغربي الشقيق، راجيًا من المولى أن يديم على المملكة نعمة الأمن والاستقرار، وأن يبقيها موحدة قوية شامخة.
كما أسأل الله أن يهدي حكام الجزائر إلى الكف عن سياسة العبث والصراع المفتعل مع المغرب، وأن يضعوا مصلحة الوطن فوق الحسابات الضيقة، مستحضرين أن المغرب ضحى من أجل الجزائر في أحلك فترات تاريخها.