تصريح يكشف أكثر مما يبدو: 54 دولة بافريقيا على لسان مليكة حدادي…رقم يحرج النظام الجزائري

أعلن الاتحاد الإفريقي مؤخرا دعمه الرسمي لحملة إنهاء استخدام خريطة ميركاتور، التي تعود إلى القرن السادس عشر، والتي تعرضت لانتقادات حادة بسبب تكبيرها المساحات القريبة من القطبين، وتقزيمها لقارة إفريقيا، ما يعزز صورة ذهنية خاطئة عن القارة ويجعلها تبدو “هامشية” رغم ثقلها الجغرافي والسياسي.
في هذا السياق، أدلت نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، مليكة سلمى حدادي، بتصريح لوكالة رويترز قالت فيه:
“قد يبدو الأمر مجرد خريطة، لكنه في الحقيقة ليس كذلك… استخدام ميركاتور جعل إفريقيا تبدو هامشية، رغم أنها ثاني أكبر قارة في العالم، تضم 54 دولة وأكثر من مليار نسمة.”
رقم يفضح التناقض
اللافت أن الرقم الوارد في التصريح 54 دولة يتطابق مع التعداد المعترف به دوليا، لكنه يتناقض مع خطاب النظام الجزائري الذي يروج لوجود 55 دولة، عبر احتساب ما يسمى “الجمهورية الصحراوية” ككيان مستقل.
سواء كان هذا الرقم جزءا من كلام حدادي حرفيا أو أدرجته رويترز تحريريا ضمن تصريحها، فإن النتيجة واحدة: الخطاب الدولي الفعلي ظهر منسوبا لمسؤولة جزائرية بارزة، وأبرز فجوة بين الموقف الذي تتبناه الجزائر في المحافل الإفريقية والدعاية التي تسوقها في الداخل.
أبعاد سياسية تتجاوز الجغرافيا
بالنسبة لحملة “صححوا الخريطة”، القضية تتعلق بإنصاف إفريقيا بصريا في الخرائط، لكن بالنسبة للمتابعين للشأن المغاربي، يضيف تصريح حدادي بعدا آخر.
-إسقاط ميركاتور كان ذريعة لنقاش حول صورة إفريقيا في الوعي العالمي.
-ذكر 54 دولة كان إقرارا ضمنيا بالتصور الدولي للقارة، بعيدا عن الاصطفافات السياسية الجزائرية.
ما وراء الصورة
هذه الحملة ليست مجرد عمل تقني لتصحيح الخرائط، بل هي أيضا مناسبة لفضح التناقضات. فالتشويه البصري الذي تعرضت له إفريقيا على مدار قرون رسّخ صورة دونية للقارة، تماما كما رسخت الجزائر في خطابها صورة مضخمة لكيان غير معترف به دوليا. ومع أن الحملة تدعو لتصحيح الخريطة الجغرافية، إلا أن تصريح حدادي كما نُقل صحح ضمنيا الخريطة السياسية، ولو عن غير قصد.
ما بدا أنه حديث عن جغرافيا القارة، تحول إلى إشارة سياسية واضحة: حتى في الملفات التي تبدو تقنية وبعيدة عن السياسة المباشرة، تظهر الحقيقة الدولية التي لا يمكن إخفاؤها. وفي هذه الحالة، جاءت منسوبة إلى مسؤولة جزائرية، لتكشف أن الخطاب الخارجي أحيانا لا يتطابق مع خطاب الداخل… وأن الحقائق، مثل الخرائط، قد تتغير ألوانها، لكنها في النهاية تظل أكبر من أي بروباغندا.