تعيين محافظ شرطة باريس لوران نونيز وزيرا للداخلية الفرنسي…ويستمر الوجع داخل جسد النظام العسكري الجزائري

لم تدم فرحة النظام الجزائري وأبواقه الإعلامية طويلا برحيل برونو ريتايو من الحكومة الفرنسية، حتى تلقت صدمة جديدة بتعيين لوران نونيز، محافظ شرطة باريس السابق، وزيرا جديداً للداخلية في الحكومة الفرنسية.
هذا التعيين يحمل في طياته رسائل سياسية وأمنية واضحة، خصوصا في ظل معرفة نونيز الدقيقة بتفاصيل قضية اختطاف المعارض الجزائري أمير ديزاد (أمير بوخرص)، التي هزت الرأي العام الفرنسي وأعادت إلى الواجهة ملف الاختراقات الأمنية الجزائرية على الأراضي الفرنسية.
قضية أمير ديزاد: النقطة السوداء في العلاقات الفرنسية الجزائرية
التحقيقات التي قادتها الشرطة القضائية الفرنسية، بإشراف مباشر من محافظة شرطة باريس، كشفت عن ضلوع عناصر دبلوماسية جزائرية في عملية اختطاف واحتجاز المعارض أمير ديزاد داخل التراب الفرنسي.
القضية لم تبقَ في حدود الشبهات، بل تحولت إلى ملف قضائي ثقيل بعدما وُجهت تهم رسمية إلى ثلاثة مشتبه فيهم من بينهم موظف قنصلي جزائري، مع إصدار مذكرة توقيف دولية بحق السكرتير الأول في السفارة الجزائرية بباريس.
هذا التطور الخطير وضع النظام الجزائري في مأزق دبلوماسي غير مسبوق، إذ أصبح من الصعب تبرير أفعال تعتبرها باريس انتهاكا صارخا لسيادتها، وتدخلا مباشرا في شؤونها الداخلية.
نونيز… الرجل الذي يعرف الملف من الداخل
لوران نونيز لم يكن مجرد مسؤول أمني عابر، بل هو الرجل الذي أشرف بشكل مباشر على سير التحقيقات في ملف اختطاف أمير ديزاد، ووقف على تفاصيلها الأمنية والقضائية بدقة.
تصريحاته السابقة (لقناة Cnews يوم 13 أبريل 2025)، حين كان محافظا لشرطة باريس، أوضحت بجلاء أن التحقيق الفرنسي تعامل مع القضية بجدية واحترافية تامة، مؤكدا أن أي تدخل سياسي مستبعد وأن العدالة الفرنسية تسير وفق مبدأ الفصل بين السلطات.
لكنه لمح بوضوح إلى أن ما جرى يحمل ملامح “تدخل أجنبي”، وهو التعبير الدبلوماسي الذي استخدمه لوصف ما تعتبره باريس عملية استخباراتية جزائرية على الأراضي الفرنسية.
تعيينه وزيرا للداخلية، يعني أن الملف الأمني الجزائري سيظل حاضرا بقوة على طاولة الحكومة الفرنسية الجديدة، وربما بشكل أكثر صرامة هذه المرة.
الارتباك في الجزائر… فرحة قصيرة وعاصفة مرتقبة
منذ إعلان خروج برونو ريتايو من الحكومة، عبرت وسائل إعلام جزائرية وشخصيات موالية للنظام عن فرحة مفرطة، ظنا منها أن رحيله سيُخفف الضغط الفرنسي المتصاعد بخصوص ملفات حساسة، من بينها قضية أمير ديزاد، والتجسس، والهجرة غير الشرعية، والتعاون الأمني المتعثر.
لكن هذه الفرحة لم تدم طويلا؛ فاختيار لوران نونيز، المعروف بخبرته في مكافحة الإرهاب والتجسس الأجنبي، يُعتبر تأكيدا فرنسيا على أن باريس لا تنوي التهاون في قضايا تمس أمنها القومي، مهما كانت خلفياتها الدبلوماسية.
بل إنّ تعيينه يُقرأ كـ رسالة حازمة إلى الجزائر مفادها أن فرنسا ستواصل التحقيق حتى النهاية، وأن من تورط في هذه الجريمة لن يفلت من المساءلة، مهما كانت صفته.
ان تعيين لوران نونيز على رأس وزارة الداخلية الفرنسية ليس تفصيلا بروتوكوليا، بل خطوة محسوبة تعكس توجها فرنسيا نحو تعزيز دولة القانون ومواجهة أي اختراق أجنبي، خصوصا من طرف أنظمة تستعمل غطاءها الدبلوماسي لأغراض استخباراتية.
هي رسالة مباشرة إلى النظام الجزائري:
الملفات الأمنية لا تُغلق بتغيير الوزراء، بل تُستكمل بتعيين من يعرف خيوطها جيدا.



